في 4 آب (أغسطس) 2020 هز انفجار مروّع مدينتنا بيروت، ولم يعرف حتى اليوم اي نتيجة حول التحقيق بالرغم من التسريبات اليومية.


  

 

ان هذا الموقع قد تم تحضيره من قبل السيد حسن قريطم، رئيس مجلس إدارة ومدير عام "اللجنة المؤقتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت"، مع مساعدة مدير عام إدارة الجمارك السيد بدري ضاهر، وذلك خلال فترة إعتقالهم في سجن الريحانية. 

تم سرد في الفقرات اللاحقة المراحل المتتالية التي أوصلت الى الكارثة بدءا من وصول الباخرة الى لبنان وصولا الى الإنفجار من وجهة نظري ووجهة نظر الإدارة العليا في المرفأ، محاولين إظهار المعلومات التي كانت موجودة لدى الإدارة العليا  خلال كل مرحلة من هذه المراحل ، لمحاولة إستخلاص وجود (أو عدم وجود) إهمال وظيفي. من قبلي أو من قبل الإدارة العليا. 

كما تم مراجعة جميع النصوص القانونية المرفئية والجمركية ، لمحاولة تحديد الأدوار والمسؤوليات في تأمين العمل المرفئي وسلامته، وذلك لتحديد المسؤوليات المتوجبة على المدراء العامين ودور الموظفين التابعي لهم. 


 

بتاريخ 2/09/2014، يصل الى الإدارة كتاباً من وزارة النقل والاشغال العامة- المديرية العامة للنقل البري والبحري- تطلب من خلاله الوزارة المساعدة بتأمين مكان لتخزين البضائع الموجودة على متن السفينة روسوس، وهي مواد نيترات الامونيوم المصنّفة كخطرة، حيث أنّ السفينة محجوزة في مرفأ بيروت منذ 20/12/2013 (أي منذ 9 أشهر) وممنوعة من المغادرة بسبب حجزها من القضاء اللبناني، وأنّها مهددة بالغرق نتيجة إهمالها من أصحابها و انّها تشكل خطراً على الأرواح مما يتناقض مع القوانين الدولية.

وكان مرفق مع هذا الكتاب القرار القضائي الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة بتاريخ 27/6/2014 )القاضي جاد معلوف) الذي يؤكد فيه أنّه وبناءً على تقرير كاتب المحكمة، إنّ السفينة بوضع خطر مما

يعرّض سلامة الملاحة البحرية في المرفأ الى الخطر، وبالتالي يقرّر فيه التّرخيص للمستدعية (اي وزارة النقل) بتعويم الباخرة بعد نقل البضائع الموجودة على متنها وتخزينها في مكان مناسب تحدده، على أن تكون تحت حراستها. وجاء هذا القرار تنفيذاً لطلب هيئة القضايا التابعة للدولة اللبنانية. وتطلب الوزارة في مكتوبها المساعدة لتأمين مكان لتخزين البضائع الخطرة المشار اليها أعلاه في إحدى المخازن ضمن حرم مرفأ بيروت تحت حراستها، حتى يتسنى لها إستكمال الإجراءات اللازمة لطرح البضائع والباخرة في المزاد العلني.

مرفق كتاب الوزارة وقرار القاضي . the hyperlink should be added here

Click Click

توضيح 1

هنا أود أن ألفت نظركم الى واقعتين:

• المكتوب لايذكر الكمية المطلوب تخزينها

• المكتوب لا يذكر أن هذه المواد متفجّرة

• المكتوب يطلب مكان تخزين وليس تخزين البضاعة في المرفأ

عند استلام الإدارة مكتوب الوزارة، ونظراً للمخاطر المشار اليها من قبلهم ومن قبل قاضي الأمور المستعجلة، قام المدير العام بتحويل المكتوب لإدارة عمليّات المرفأ المسؤولة عن الباحات والعنابر التي يستعملها المرفأ لتخزين البضائع التي تمر عبره.

توضيح 2

إنّ هذه المديريّة (العمليات) تتعامل يومياً بكمية بضائع تتعدى الثلاثين ألف طن، تستلمها وتسلم كمية مماثلة للإخراج من المرفأ، أي بما يعادل مليون طن من البضائع في الشهر. و تقوم بذلك بطريقة مستقلّة، دون مراجعة الإدارة العليا.

ومثالاً على ذلك، عند السفر وقبل الصعود الى الطائرة، يتم تعيين مقعد لكل راكب حيث لا تُراجع الإدارة العليا بذلك، إذ إن العمل محصور بالأشخاص المكلفين به.

قامت هذه المديرية باقتراح إستعمال قسم من العنبر 12، وجاء هذا الاقتراح وفق الأنظمة والأصول المتّبعة في المرفأ حيث يقوم المرفأ بوضع المواد الخطرة في العنبر 12- مراجعة التوضيح 4.

فطلب المدير العام عندها من هذه المديرية تحضير كتاب جواب الى وزارة الأشغال العامة والنقل- مديرية النقل البحري والبري- لإعلامها بهذا الاقتراح. مرفق كتاب جواب إدارة المرفأ Add hyperlink 3 Click

توضيح 3

ألفت نظركم الى التالي:

1. الكتاب يؤكد على مضمون كتاب المديرية والموافقة على شروطه: أي تحت حراستها.

2. الكتاب يقترح إمكانية إعتماد من قبل الوزارة جزء من المستودع رقم 12 المخصص لتخزين المواد الخطرة- أي ان باقي العنبر يحتوي على مواد خطرة أيضاً.

3. الكتاب يؤكد أنّ هذا السّماح ظرفي، أي لحين إستكمال الإجراءات اللازمة.

4. ان الكتاب لا يمثّل عقد ايداع بضاعة في المرفأ.

وتم إرسال هذا الكتاب بعد توقيع المدير العام عليه الى مديرية النقل البحري والبري في وزارة النقل وذلك لإعلامهم عن إمكانية إستعمال قسم من العنبر 12 وفق إقتراح مديرية العمليات.

وهكذا يكون المدير العام، ولأوّل مرة في 20 سنة خدمة في المرفأ، تدخل في إقتراح تعيين مكان لوضع بضاعة في المرفأ. وقام بذلك إستجابةً لطلب الوزارة والقضاء، وتفادياً لوقوع كارثة بيئية وملاحية وإنسانية. ولم يرد الى الإدارة في حينه أي رد من الوزارة حول قبولهم لهذا الاقتراح. وحتى لم تعلم الإدارة في حينه أنّ هذه البضاعة، وقبل وصول الكتاب إلى الوزارة، قد تم تفريغها في العنبر 12 وذلك بعد تعيين إدارة الجمارك العنبر 12 أيضاً لوضع هذه البضاعة. ويجدر الذكر أنّه لم يُطلب من المدير العام ولم تؤخذ موافقته لناحية تأمين المعدات والشاحنات التي تم إستعمالها لتفريغ الباخرة ونقل البضاعة الى العنبر 12.

توضيح 4 (الأنظمة)

إنّ عمل مرفأ بيروت ترعاه أصول وقواعد عمل منها عائد الى فترة الانتداب الفرنسي.

ويتابع المرفأ تطبيق هذه القواعد والأنظمة والأصول وفق قرار مجلس الوزراء ومرسوم تعيين "اللجنة المؤقتة لإدارة وإستثمار مرفأ بيروت"، ومثالا على ذلك نذكر:

1. نظام المرافئ والموانئ 4 Hyperlink

2. Nouveau Reglement d'exploitation du Port de Quais et Entrepôts de Beyrouth Hyperlink 5

نظام وإجراءات العمل في مرفأ بيروت - ISO6 Hyperlink

ويكون المدير العام بالتالي قد وافق- مستنداً على رأي خبراء المرفأ- على مصادرة قسم من العنبر 12 من قِبَل الوزارة لكي تستعمله لتضع فيه كمية غير محددة من مواد نيترات الامونيوم الموجودة في المرفأ منذ تسعة أشهر، والمصنفة مواد ملتهبة وفق نظام المرافئ والموانئ وذلك تحت حراستها ولفترة انتقاليّة.

وجاءت موافقة المدير العام تلبيةً لطلب الدولة اللبنانية، ممثلة بوزارة النقل، وتنفيذاً لقرار قضائي صادرعن قاضي الأمور المستعجلة بناءً على طلب محامي الدولة اللبنانية، هيئة القضايا، وخوفاً من أن يتسبب، إذا تم الرّفض، بكارثة بيئية وملاحية وإنسانية وفق ما ذكروه في مطالبهم.

وبقيت هذه البضاعة مخزّنة في العنبر 12 منتظرةً بيعها او إعادة تصديرها من قبل وزارة النقل- مديرية النقل البري والبحري- ومحبوسةً في هذا العنبر بقرار قضائي و بحراسة حارس قضائي هو وزارة النقل ممثلة برئيس الميناء، أي في استحالة التّصرف بها من قبل أحد دون موافقة القضاء.

توضيح ٥ (دخول الباخرة)

وكانت هذه الباخرة قد دخلت المرفأ بتاريخ 21/11/2013 (عشية عيد الاستقلال)، وبالتالي حصلت على الموافقات اللّازمة في حينه دون علم إدارة شركة المرفأ. هذه الموافقات هي التالية:

1. موافقة قوات الأمم المتحدة لدخول المياه الإقليمية اللبنانية من بعد التصريح عن حمولتها للتأكد من أنها مستوفية شروط القرار 1701 حول ضبط إدخال الأسلحة والذخائر غير المطلوبة من الدولة اللبنانية.

قرار1701 add the hyperlink

2. موافقة القوات البحرية اللبنانية أيضاً لدخول المياه الإقليمية.

3. موافقة غرفة العمليات البرية والمعروفة بـOscar Charly للتوجه نحو مرفأ بيروت والدخول اليه. وهذه الغرفة تتضمن ممثّلين عن جميع الأجهزة الأمنية ذات الصلة.

4. موافقة وزارة النقل، ممثلة برئيس الميناء، لدخول المرفأ والتلبيص داخله بعد التأكّد من إستيفاء حمولتها للشروط المذكورة في نظام المرافئ والموانئ.

توضيح ٦ ( منع من المغادرة)

وقد تم منع الباخرة من المغادرة بسبب مشاكل ظهرت على متنها. فقرر جهاز المراقبة على السفن منعها من المغادرة قبل إجراء بعض التصليحات.

وقبل إنتهاء التصليحات، تم حجز الباخرة بقرار قضائي من قاضي الأمور المستعجلة لوجود دينٍ عليها من شركتان أجنبيّتان: شركة Bunkernet وشركة Bunkering. وتمّ كل ذلك دون علم إدارة شركة المرفأ.

 

ما لم تعرفه ادارة المرفأ وما لم يعلمها به أحد أنّه في سنة 2015 قام الجيش اللبناني بطلب تحاليل على هذه البضاعة لمعرفة نسبة الأزوت فيها. وعند ظهور النتيجة التي حددت أن هذه النسبة هي 34.7%، مما يستوجب إخضاع هذه المواد الى قانون الأسلحة والذخائر وإعتبارها مواد متفجرة، لم يُعلم أحد من قيادة الجيش أومديرية الجمارك أو وزارة النقل إدارة شركة المرفأ بذلك، ولم يقوموا بأخذ الإجراءات المفروضة في هذا الخصوص والمنصوص عنها في القانون.

فبقيت هذه المواد في العنبر 12، ولكن أصبحت الآن متواجدة فيه بطريقة غير قانونية وتتعارض مع معايير السلامة العامة المفروضة من قبل هذا القانون.

مراجعة قانون الأسلحة والذخائر- المادة 1- الفئه التاسعة Add Hyperlink

ولم يتم تطبيق أي من الاجراءات المنصوص عليها، وبالتالي، بقيت بضاعة نيترات الامونيوم مخزّنة في العنبر 12، وذلك دون علم المدير العام بخطورتها، ودون طلب الأجهزة الأمنية العاملة في المرفأ من أحد إتخاذ أي إجراء إستثنائي لتأمين حمايتها، أو عزلها عن بقيّة البضائع الموجودة في العنبر، أو تسليمها الى الجيش اللبناني وفق قانون الأسلحة والذخائر.

توضيح ٧ (قانون الأسلحة والذخائر، وعلى ماذا ينص هذا القانون)

المادة ١: تقسّم المعدات الحربية والأسلحة والذخائر والمتفجرات التي ينص عليها هذا المرسوم الاشتراعي الى ثلاث انواع:

• النوع الثالث: المتفجرات والبارود ولوازمها

o الفئة التاسعة: أصناف المتفجرات ولوازمها هي:

a. البارود على إختلاف أنواعه

b. المتفجرات: جميع أنواع الديناميت. ويعتبر من اللوازم المعدة لصنع المتفجرات نيترات الأمونياك المحتوي على أزوت بنسبة تفوق 33.5%

أي أنّه عند تخطّي نسبة الأزوت في مواد نيترات الامونيوم نسبة 33.5%، يجب عندها إعتبار هذه المواد كمواد لصنع المتفجرات، وليس كسماد كيميائي مثلاً. ويجب عندها إخضاع هذه المواد لأحكام هذا القانون.

وتنص المادة 3 من هذا القانون أنّه لا يجوز لأي شخصٍ طبيعي أو معنوي أن يقوم، على الأراضي اللبنانية، بأعمال صناعية أو تجارية من أي نوع تتعلق بالمعدات والأسلحة والذخائر من أي فئة كانت قبل الاستحصال على رخصة قانونية تُعطى بمرسوم بناءً على إقتراح وزيريّ الداخلية والدفاع.

وتنص المادة 6 أنّه لا تعطى الرخصة للقيام بالأعمال الصناعية أوالتجارية التي تتعلق بالمعدات والأسلحة والذخائر والمتفجرات إلا بعد التثبّت- بواسطة وزارة الدفاع الوطني- من أن هذه المحلات مستوفية لجميع الشروط الفنية للمحافظة على سلامة الأشخاص والأبنية المجاورة.

وتنص المادة 10 أنها تسحب الرخصة فوراً من المحلات التي تفقد أحد الشروط المنصوص عليها في المادة 6. وأنها تسحب الرخصة أيضاً من المحلات والأشخاص الذين يثبت فقدانهم أحد الشروط المنصوص عليها في المواد 13، 14، 15، 16. وتؤكد المادة 15 أنه تجري هذه المراقبة في المستودعات والمصانع وعلى كل قطعة من المعدات والأسلحة والذخائر، وقطعها المنفصلة، وتتناول أيضاً العمليات المتعلقة بالتصرف بها أو بتخزينها.

وتنص المادة 17 بأن عمليّة إستيراد وتصدير وإعادة تصدير مواد نيترات الأمونياك التي تحتوي على الأزوت بنسبة تتجاوز 33.5% تخضع للإجازة المسبقة من وزارة الاقتصاد الوطني بعد موافقة وزارة الدفاع الوطني (قيادة الجيش) وموافقة مجلس الوزراء.

وتنص المادة 44 أنه تحتفظ الدولة بحق إستيراد وحيازة ونقل وبيع أنواع البارود والمتفجرات، من أي نوع كانت، وجميع المواد المشابهة لها لحساب الدولة- وزارة الداخلية- قسم البارود ولصالحها.

تخضع لمراقبة رجال الفن في وزارة الدفاع الوطني المنشآت المعدة لصنع وتحضير وبيع البارود والمتفجرات وكذلك المستودعات المعدة لهذه المواد وما شابهها.

وتنص المادة 45 أنّ كل من أدخل أو حاول إدخال شيء من البارود أو أي شيء من المتفجرات أو غيرها من المواد المشابهة لها الى لبنان يلاحق فضلاً عن العقوبات الجزائية وفقاً للقوانين المتعلّقة بالتهريب الجمركي.

وتنص المادة 51 أن المستودعات العمومية لبارود الألغام والمتفجرات تنشئها وتحافظ عليها وزارة الداخلية- قسم البارود.

وتنص المادة 63 بأنه يخضع لمراقبة وزارة الداخلية - قسم البارود - الفنية صنع واستيراد وبيع الالعاب النارية وكل مادة شبيهة بها وتتناول هذه المراقبة بنوع خاص .

1- شروط السلامة الواجب تحقيقها في المعامل التي يستعمل فيها البارود, او مركبات الالعاب النارية او المواد الشبيهة بها, وفي مستودعات ومخازن بيع الالعاب النارية.

 

وهكذا، بقيت هذه المواد في العنبر 12. ولم تتبلغ إدارة شركة المرفأ أي مراسلات او كتب من أي جهة كانت بخصوص نيترات الامونيوم. وقد تبين لاحقاً أن جميع المراسلات كانت تتم بين مديرية النقل البري والبحري - وزارة النقل- والمسؤولة بحكم طلبها وبحكم تعيينها كحارس قضائي عن البضاعة، وبين هيئة القضايا في وزارة العدل من جهة، وبين المديرية العامة للجمارك وقيادة الجيش من جهة ثانية، وبين المديرية العامة للجمارك- بصفتهم مسؤولين عن البيع والتلف- والقضاء من جهة ثالثة، الى أن وصلت التحقيقات الى المديرية العامة لأمن الدولة في بداية العام 2020 وفق ما سنفصله أدناه.

وخلال هذه السنوات، لم يقم أي جهاز أمني، سواءً الجيش او الأمن العام او الجمارك، في أي من الاجتماعات الدورية التي تقوم بها سنوياً ودورياً وفق نظام ISPS للتنسيق حول أمن المرفأ (مراجعة توضيح ٨) بذكر أي خطر في تواجد هذه المواد في المرفأ، ووجوب تطبيق إجراءات استثنائية لتأمين سلامة المرفأ والموظفين والمتعاملين فيه من هذا التواجد غير القانوني والذي يخالف نظام ال ISPS (المدونة الدولية لامن السفن والمرافئ)، بالرغم من علم جميع الأجهزة الأمنية بمدى خطورتها.

توضيح ٨ (اللجنة الأمنية)

بموجب القرار رقم ٥/ ٢٠٠٨ تاريخ 15/1/2008 الصادر عن رئيس مجلس الوزراء، تم إنشاء لجنة فرعية مهمّتها التنسيق بين الأجهزة والإدارات المعنيّة لتنفيذ المهام الأمنيّة في مرفأ بيروت توخياً لسرعة وتحسين الأداء، ولسد الثغرات وتجنّب الازدواجية في تأدية هذه المهام. وهذه اللجنة منبثقة عن اللجنة الأساسية المُشكّلة بموجب القرار ٨٩/٢٠٠٦ تاريخ 21/8/2006 المكلفة بالسهر على حسن مراقبة وضبط المراكز الحدودية.

مرفق صورة عن القرار ٥/٢٠٠٨ hyperlink

توضيح ٩ (ISPS code)

بعد هجوم 9/11/2001 على برجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، وضعت دول العالم - من خلال منظّمة الأمم المتحدة- إجراءات عاجلة لمنع ومكافحة الإرهاب. فأنشأت حينه المنظمة الدولية العالمية IMO ( International Maritime Organization) نظاماً جديداً لوضع تدابير وإجراءات في المرافئ وعلى السفن لمنع أعمال الارهاب. وأصدرت في هذا الخصوص المدوّنة الدولية لأمن السفن والمرافئ ISPS code (International Ships and Ports Security Code) التي توجب إتّخاذ التّدابير الوقائيّة لتجنّب الحوادث الأمنية التي تمسّ السفن والمرافئ، وتحدد أدوار ومسؤوليات كل طرف من الأطراف على الصعيد الوطني والدولي. وإمتثل مرفأ بيروت لهذه المدوّنة، وتم وضع خطة أمنية ومن ضمنها الإجراء رقم 15 الذي يحدد الإجراءات الواجب إتّباعها في حال تواجد أسلحة دمار شامل في المرفأ –كل 2750 طن من نيترات الامونيوم ذو نسبة أزوت %34.7 (أي ان 2750 طن من نيترات الامونيوم تشكّل أسلحة دمار شامل كما أظهر الانفجار)

مرفق إجراء رقم 15 ISPS – Add Hyperlink

 

تبيّن أنه بتاريخ 28/5/2020، وبناءً على إخبار مُقدّم الى مديريّة أمن الدولة، قررت هذه الأخيرة فتح تحقيق بخصوص تواجد 2750 طن من مواد نيترات الامونيوم في العنبر12. تولّي التحقيق الرائد نواف، وهو المسؤول عن مركز أمن الدولة في مرفأ بيروت. واستدعي الرائد بعض المسؤولين المباشرين في مرفأ بيروت. وبعد إطلاع النائب العام لدى محكمة التمييز على نتائج التحقيق بتاريخ 1/6/2020، أشار النائب العام إلى وجوب توجيه كتاب الى إدارة وإستثمار مرفأ بيروت لتأمين حراسة العنبر 12، ولتعيين أمين مستودع، ولصيانة الأبواب والجدران وإقفالها بإحكام، وختم المحضر.

فقامت الإدارة بالمطلوب وبسرعة قصوى. وقبل إنتهاء الأعمال المطلوبة، تم تفجير العنبر 12.

مرفق: كتاب أمن الدولة Hyperlink

مرفق: إحالة الى أجهزة المرفأ لتنفيذ المطلوب Hyperlink

توضيح 10 (تقرير جهاز أمن الدولة)

وبالعودة الى تقرير جهاز أمن الدولة الذي لم يردني إلا بعد الانفجار، أود أن ألفت نظركم الى النّقاط التالية: مرفق: تقرير جهاز أمن الدولة Hyperlink

١- الصفحة 3 من التقرير:"وبعد مراجعة أحد مصادرنا المختصين في الكيمياء، أكّد لنا أن مادة نيترات الامونيوم، وفي حالة إشتعالها، ستتسبب بانفجار ضخم ستكون نتائجه شبه مدمرة لمرفأ بيروت، كما يتخوف من تعريض بعض هذه المواد للسرقة".

٢ - وعلى الرغم من هذه التحذيرات الواضحة، وبعد توضيح المراحل التي أدت إلى إدخال هذه البضاعة إلى العنبر، قرّرت النيابة العامة التمييزية " توجيه كتاب الى إدارة وإستثمار مرفأ بيروت لتأمين حراسة العنبر 12 وتعيين أمين مستودع وصيانة الابواب والجدران وإقفالها بإحكام وختم المحضر".

أي أنّه بعد ترك هذه البضاعة لفترة 6 سنوات في العنبر 12، وبالرّغم من جميع المراسلات التي حصلت بين الوزارات والقضاء، وبين الجمرك والقضاء، وبين الجمرك والجيش، وبالرغم من تقرير جهاز أمن الدولة وتحذيره من خطورة إنفجار مدمّر للمرفأ بسبب هذه المواد، أكّدت النيابة العامّة الإبقاء على البضاعة المخالفة للقوانين في المرفأ، وطلبت من الجهاز المدني الوحيد الذي تقلصت أعداد موظفيه من 1000 موظف سنة 2010 إلى 180 موظف سنة 2020، تشديد الحراسة وتأمين أمين مستودع وإجراء أعمال صيانة على البوابات والجدران، دون إعلام هذا الجهاز المدني بالخطر المحدق به. ووقع الإنفجار بتاريخ 4 آب خلال إجراء أعمال الصيانة المطلوبة. ورغم تسرُّع جميع الأجهزه بإلقاء اللوم على عمليّة التلحيم، يبقى سبب الحريق غير معروف ويبقى سبب الإنفجار غامض.

 

عشية الإنفجار، تم عقد إجتماع للمجلس الأعلى للدفاع في القصر الجمهوري برئاسة فخامة الرئيس وبحضور دولة الرئيس وعدد من الوزراء وجميع المسؤولين الأمنيين وبعض المسؤولين العدليين.

وتم قراءة تقريرٍ ثانٍ حضّرهُ مدير عام جهاز أمن الدولة حيث تبين أنّه أرسل تقريره إلى جميع الأجهزة من جيش وأمن عام والى المسؤولين السياسيين في رئاسة الجمهورية وفي رئاسة مجلس الوزراء وأنه حذّرهم من وجود هذه المواد ومن خطورتها.

وكان واضحاً أن ما من أحد قام بإتخاذ أي إجراء لتفادي وقوع هذه الحادثة. وحتى أنه ما من أحد قام بالتواصل مع إدارة شركة المرفأ لتنبيهها بهذا الشّأن والطلب منها إتّخاذ أي إجراء إستثنائي. لا بل ولم يتواصل معها أحد بخصوص هذه المواد- بما فيها وزارة الاشغال العامة والنقل- أو أي عضو من اللجنة الأمنية وفق نظام. ISPS

وقرّر رئيس الوزراء خلال هذا الاجتماع تأليف لجنة وزاريّة لتحديد المسؤوليات، بالرغم من أنّ القضاء كان قد باشر تحقيقاته بالحادثة.

وقامت هذه اللجنة - برئاسة رئيس الوزراء – وخلال أول إجتماع لها بتنظيم لائحة أسماء إختارتهم وإعتبرتهم مسؤولين عن الانفجار بادخال النيترات وتخزينه في المرفأ خلافاً للأصول،ومسؤولين عن القتل والارهاب وذلك دون إستدعائهم أو إستجوابهم أو حتّى الاستفسار منهم عن عملهم وواجباتهم والتحقيق معهم. وأُعطيت هذه اللائحة الى القضاء الذي باشر، وفوراً، باتهام هؤلاء الأشخاص من خلال توقيفهم عن العمل ومنعهم من السفر واحتجازهم وتحويلهم الى المجلس العدلي والقاء القبض عليهم وتجميد حساباتهم الماليّة وإتهامهم بتبييض الأموال وبتهريب أموالهم. تم كلّ ذلك دون إجراء أي تحقيق، ودون تطبيق أي من الأصول الإلزامية كالتأكّد من أنّ الجريمة المقترفة ناتجة عن الوظيفة، ودون تطبيق المبادئ الدستورية كمبدأ البراءة و مبدأ الدفاع، وجميع مبادئ العدالة والقانون وحقوق الانسان.

وبعد أن تم استدعائي بتاريخ 6/8/2020 الى ثكنة الريحانية العسكرية حيث تم إستجوابي من قبل الشرطة العسكرية وذلك خلافاً للأصول وللقانون وللقواعد العامّة، بدا واضحاً خلال الاستجواب أنّ همّهم الوحيد هو التأكيد على أنني قصّرت في مهامي، وذلك دون النظر الى دور الجيش أو القضاء أو الوزارة أو غيرهم من المتدخلين والمعنيّين في هذه القضية، وحتى دون النّظر في فرضّية واحتمال وجود عدوان خارجي أدى الى وقوع هذا الإنفجار. بل جزموا أن سبب هذا الانفجار هو تقصير من قبل إدارة المرفأ، دون معرفة او محاولة فهم طريقة عمل المرفأ والاجراءات المتّبعة والمطبّقة فيه.

فقاموا بتوقيفي بعد هذا الاستجواب الذي يُعتبر باطلاً أصلاً لتعارضه مع جميع النّصوص القانونيّة التي ترعى أعمال التحقيق. وبعد أيام، حضر القاضي غسان خوري الى الثكنة حيث قام باستجواب صوري أيضا،ً مخالفاً لجميع القوانين والأصول التي ترعى أعمال التحقيق. وأعلم عندها الشرطة العسكرية تمديد التوقيف وذلك خلافاً للقانون والأصول.

وبعد اثنا عشر يوماً من الإحتجازغير القانوني، تم سوقي الى القاضي صوان الذي قام بالاستيضاح منّي عن طريقة عمل المرفأ وعن دوري في هذه الإدارة. وقرّر متابعة التوقيف وذلك دون مواجهتي بالشبهات والأدلّة التي تستوجب هذا التوقيف.

وهكذا، يكون قد تم تعييني كمتهمٍ من قبل لجنة وزارية أصبح رئيسها متّهماً. وتمّ التحقيق معي من قبل الشرطة العسكرية التابعة للجيش، وأيضا من قبل محامٍ عام ( القاضي غسان خوري) التي قامت محكمة التّمييز بتنحيتهِ نظراً لتعاطيه المُسبق مع هذه القضيّة ولعدم موضوعيته ولتخوّف من تضارب المصالح في تحقيقاته. كما وتم الإدّعاء عليّ من قبل نائب عام تنحى عن هذه القضية لعلاقته الوثيقة بأحد المتهمين فيها، ولإشرافه على التحقيق بهذا الخصوص قرر حفظه. كما وتم توقيفي بقرار محقق عدلي تم تنحيته نظراً لمخالفته للقوانين ولكونه متضرّراً بشكل شخصي من الانفجار.

مرفق قرار محكمة التمييز (صوان) Hyperlink

مرفق قرار محكمة التمييز (بيطار) 110/2021 hyperlink

وأصدر النائب العام الادّعاء التالي:

"أقدموا على إدخال مواد خطرة قابلة للتفجير خلافاً لأحكام القانون، وقاموا بوضعها تباعاً في أحد عنابر مرفأ بيروت مع مواد أخرى منها عادية ومنها خطرة دون إتّخاذ أي إجراء أو فعل يحول دون إحتراقها طوال سنين وصولاً إلى انفجارها مع علمهم اليقين بخطورتها. فقبلوا جميعاً بالمخاطرة بإمكانيّة إنفجارها وإحداثها الضرر بالبشر والحجر من خلال عدم إتخاذهم تدابير السلامة العامة والأمن أو أي تدبير فعلي على الأرض يحول دون الكارثة وفقاً للصلاحيات المعطاة لعدد منهم بحكم القانون بالنظر لمسؤولياتهم الوظيفية مما أدى إلى إنفجار رهيب وتدمير القسم الكبير من بيروت ومرفأ بيروت والأبنية السكنية المحيطة...ودون استبعاد عدوان خارجي"

 

إنّ اللجنة المؤقتة لإدارة وإستثمار مرفأ بيروت، والتي قمنا بالإشارة إليها كإدارة شركة المرفأ، تقوم بإدارة مختلف المنشآت المرفئيّة في مرفأ بيروت، لحساب الدولة اللبنانيّة، وذلك وفق النصوص المرعيّة، لاسيّما المحدّة في قانون 31 أيار 1960 وفي إتفاقات 31 أيار 1890 و20 حزيران 1895 و23 آذار 1912 وغيرها من النصوص القانونيّة الموثّقة في كتابها الأسود الذي جمع هذه النصوص وغيرها ذات الصّلة.

وسنبرهن من خلال هذه النّصوص القانونيّة والتّاريخيّة أنه ليس على إدارة شركة المرفأ أي مسؤولية قانونيّة أو معنويّة في هذه الحادثة.

1- إن إدارة شركة المرفأ ملزمة بتفريغ السّفن والبضائع عند طلب الحكومة، وذلك بغض النّظر على محتوياتها وحتّى في حال كانت محمّلة بمواد خطرة ملتهبة أو متفجّرة.

ويمكن مراجعة البند 16 من نظام مرفأ بيروت، الموجود على الصفحة 44 من الكتاب الأسود، والذي ينص على التالي:

Il est expressement defendu a tout navire de commerce ayant a bord une cargaison comprenant des munitions de guerre, de la poudre ou des matières inflammables d’entrer dans le port. Pour le dechargement ou le non dechargement des cargaisons de cette nature, l’on devra se confirmer a la decision du government.

إن هذا البند منطقي، حيث أنه يرد الى مرفأ بيروت أسلحة وذخائر للجيش اللبناني ولسائر الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة، وبالتالي لا يمكن التعذّر وراء خطورة هذه المواد لعدم القيام بتفريغها وتسليمها لهذه الأجهزة.

وبالتالي، لا يمكن رفض تفريغ هذه المواد ما دام الأمر بتفريغها قد صدر من قبل الدولة – وزارة النقل- بناءً على قرار قضائي مرفق بالطّلب.

2- إنّ إدارة شركة المرفأ ملزمة بوضع البضائع من هذا النوع الواردة الى المرفأ في عنبر مخصّص للمواد الخطرة.

وتذكر المادّة 53 صفحة 236 من الكتاب الاسود التالي:

Art. 53: Les Agences de Navigation ou les transporteurs ont l’obligation de diriger d’office sur les entrepots ou magasins douanier du port de Beyrouth affectes a l’emmasinage des matieres inflammables ou de voisinage nuisible, toutes les caisses ou colis…

المادة 53: على وكالات الملاحة، او الناقلين، ان يوجهوا حكما الى العنابر او المخازن الجمركية في مرفأ بيروت والمعدة لتخزين المواد المشتعلة او ذات الجوار المضر كل الصناديق او الطرود التي تحتوي ان على مواد يجب اقصاءها عن العنابر او المخازن الجمركية

ويذكر النظام أن مواد نيترات الامونيوم هي مصنفة "4"، أي مواد ملتهبة (مراجعة الكتاب الأسود صفحة 239)

ويأكّد نظام المرافئ والموانئ على ذلك في المادة 151 في الصفحة 334 من الكتاب الأسود والمعنونة "إرسال المواد الخطرة الى مستودعاتها".

ولذلك، كان إقتراح إدارة العمليّات منطقي، وقامت الإدارة بإقتراح إستعمال قسم من العنبر 12. لم تحاول الإدارة إخفاء وجود مواد خطرة في باقي العنبر 12، حيث حدّدت في كتابها أنّ هذا العنبر مخصّص للمواد الخطرة مع إماكنيّة إستعمال قسم منه. وبجميع الأحوال، فإن الإدارة إقترحت - ولم تأمر- بإستعمال هذا العنبر. ولمعرفة من وافق على هذا الخيار، ومن قام بإعطاء أمر المباشرة، ومن أمر المعدّات والشّاحنات لتفريغ البضاعة من على متن الباخرة، يجب مراجعة كاتب المحكمة المكلّف بتنفيذ القرار.

3- إنّ إدارة شركة المرفأ ليست مسؤولة عن خطر الحريق أو عن أي خطر آخر من مسؤوليّات الدولة السّيادية كما لم تكن الشركة الخاصة السابقة مسؤولة عن هذه الأخطار. وفيما خصّ المواد الخطرة بالذّات، تبقى هذه المواد على مسؤوليّة صاحبها أو الوكيل البحري الذي أدخلها إلى أن يتم إخراجها من المرفأ. ويمكن مراجعة المواد 148 و123 من نظام المرافئ والموانئ.

المادّة 148 ص 334 الكتاب الأسود: يتوجب على أصحاب المواد الخطرة أو المرسلة اليهم أن يستلموها على عهدتهم ومسؤوليّتهم.

المادة 123 ص 338 الكتاب الأسود: تكون شركات الملاحة مجهزة السفن ناقلة هذه المواد مسؤولة عن جميع الاضرار التي تحدث او تنتج على متن سفنهم او خارجها من حريق وانفجار طارئ والتي تصيب الانشاءات المرفأية او الاخرين الى ان تصبح باستلام المستورد او من ينوب عنه.

كما أن المادة 14 من عقد إتّفاق بين الدولة اللبنانيّة وشركة مرفأ وأرصفة حواصل بيروت والتي حلّت محلّها اللجنة الحالية المصدقة بقانون 31 أيار 1960، تنص أن الشركة غير مسؤولة عن خطر الحريق.

المادة 14 صفحة 293 الكتاب الأسود: بعد التعداد، تأخذ الشركة البضائع على عاتقها ضمن شروط وحدود المسؤوليّة المعنيّة في الأحكام الامتيازيّة، خصوصاً فيما يتعلّق بالحريق (المادة 34 من نظام 30 تشرين الثاني 1890 وقرارمجلس الوزراء).

وتنص المادة 34 صفحة 27 الكتاب الأسود:

Art. 34: A condition de se conformer aux mesures de polices interieure prevus par les article 47 et 48 du present reglement, la companie n’est pas responsible du risque d’incendie.

وجميع هذه النصوص تأكّد أن الأخطار والمهمات السياديّة كما وخطر الأمن ومراقبة الحدود والتهريب والتّفتيش عن المواد المخالفة للقوانين والممنوعة أو الحريق هي من مسؤوليّات الدولة التي لا يمكن أن تتخلّى عن واجباتها السيّادية لشركة خاصة أو لجنة مؤقّتة.

4- وتأكيداً على ذلك، يذكر الكتاب الاسود وفي الصفحة 225- المادة 3 من نظام إستثمار المرفأ التالي:

Art.3: le port est exploité par la compagnie de port. La police du plan d’eau est exercé par le capitaine du port. La police des Quais, terre plein et dependance est assuree par le commissaire special de police du port.

المادة 3: تستثمر المرفأ، شركة مرفأ وارصفة وحواصل بيروت يقوم رئيس الميناء بالمحافظة على سطح مياه المرفأ. يقوم مفوض المرفأ الخاص بالمحافظة على الارصفة والارض المركومة وتوابعها.

كما وتأكيداً على ذلك، وتأميناً للسلامة العامة، يذكر نظام المرافئ والموانئ في الصفحة 336 من الكتاب الأسود وفي المادة 139:

المادة 139: توضع حراسة خاصّة على المستودعات والأمكنة المُعدّة لخزن المواد الخطرة من قبل شركة المرفأ، يتولى رئيس الميناء فرض هذه الحراسة فيما يتعلّق بالسفن ومفوّض أمن عام المرفأ فيما يتعلّق بالمستودعات والمخازن.

والسؤال هنا هوعن علم مفوّض الأمن العام في المرفأ عن مدى خطورة هذه المواد ولماذا لم يفرض هذه الحراسة. أو لماذا لم ينبِّه عنها في أحد إجتماعات اللجنة الأمنيّة، بل اكتفى فقط بتبليغ رئيسه المباشر.

5- وأخيراً، وتأكيداً على أن أمن المرفأ هو من واجبات الدولة السيادية، فقد تم في سنة 2008 وبموجب قرار رقم 5/2007 الصادر من رئيس مجلس الوزراء آنذاك، الرئيس فؤاد السنيورة، إنشاء لجنة أمنيّة مهمّتها التنسيق بين الأجهزة والادارات المعنيّة بتنفيذ المهمام الأمنيّة في مرفأ بيروت توخياً لسرعة وتحسين الآداء ولسد الثّغرات وتجنّب الازدواجيّة في تأدية هذه المهام.

وانبثقت هذه اللجنة عن اللجنة الأساسيّة المشكلة بموجب القرار 89/2006 لمجلس الوزراء المكلّفة بالسهر على حُسن مراقبة وضبط المراكز الحدوديّة. وهذه اللجنة تضم ممثّل عن قيادة الجيش وممثّل عن إدارة الأمن العام، وممثّل عن إدارة الجمارك، وممثل عن إدارة شركة المرفأ. على الرغم من أن هذه اللجنة تجتمع وبشكل دوري في مكاتب إدارة شركة المرفأ ، لم ينبّه أحد من أعضائها عن الخطر المحدق في المرفأ، وعلى وجوب أخذ أي إجراءات إستثنائيّة بهذا الخصوص.

وقد نسّقت هذه اللجنة مع الشركة الخاصّة التي وكّلتها إدارة شركة المرفأ لوضع إجراءات أمنيّة خطيّة وواضحة للإلتزام بمتطلّبات نظام ال ISPS (مراجعة التوضيح رقم 9). وقد تم توزيع هذا النظام على جميع أعضاء اللجنة الأمنيّة. ومن بين هذه الإجراءات نذكر الإجراء رقم 15 الذي يذكر أنّه في حال تم العثور على أسلحة دمار شامل في المرفأ، فيجب تسليم الموقع الى الجيش اللبناني الوحيد المخوّل بالتّعامل مع خطر شامل.

6- وأخيراً، ووفق القوانين المرعيّة الإجراء، ان إدارة المرفأ لا تأخذ على عاتقها البضائع الواردة برسم الترانزيت.

وينص الكتاب الأسود في الصفحة 187 المادة 12 على ما يلي:

Art. 12: La compagnie conformement a l’article 17 du règlement, ne prenant pas en charge les marchandises transitant, ainsi que les marchandises reexpediees ou transbordees dans la zone de concession, et ne passant pas par les locaux dauaniers, reste degagee de toute responsabilité a l’egard de ces marchandises.

 

هل هنالك موجب على شركة إدارة وإستثمار مرفأ بيروت بإعتبار أنّها رضخت لوضع هذه المواد في أحد عنابرها؟

1- إن الدولة اللبنانيّة لم تقم بوضع بضائع في أحد مخازن المرفأ بإعتبارها أحد زبائن المرفأ وملزمة بشروطه، أي دفع قيمة التّخزين وتخليص البضاعة وإخراجها من المرفأ، بل في الحقيقة أنّها صادرت العنبر 12 لوضع مواد متواجدة على سفينة برسم الترانزيت وذلك لأسباب تتعلّق بأنشطة الدولة السياديّة، أي حماية البيئة وحماية الملاحة وحماية الأرواح وفق مضمون كتابها ووفق مضمون القرار القضائي الصادر بهذا الخصوص.

2- إستطراداً، وفي حال إعتبار أن هنالك رضى من قبل الإدارة لوضع 2750 طن من مواد نيترات الامونيوم في مخزنها ، فهي وافقت ورضيت على أساس أن هذه المواد ملتهبة كما هي مصنّفة في نظامها، وبالتالي فإن الرضى هو على تخزين بضاعة غير ممنوعة في القوانين والأنظمة اللبنانيّة، وخاصة هي غير ممنوعة ومباحة في قانون الأسلحة والذخائر.

عند إدخال البضاعة، لم تذكر الدولة نسبة الأزوت في هذه المواد، بل ذكرت فقط أنها خطرة (وليست متفجّرة). ولكن عند معرفة الدولة أن نسبة الأزوت في هذه البضاعة تتخطّى الـ 33.5%، وأن هذه البضاعة أصبحت خاضعة لقانون الأسلحة والذخائر، أصبح إدخالها وخزنها ممنوعاً، أو بشروط محدّدة غير متواجدة في المرفأ، ووضعها في عنابر المرفأ غير مباحاً، وبالتالي أصبح العقد المفترض باطلاً.

المادة 192: باطل كل عقد يوجب أمراً لا يبيحه القانون.

المادة 189: يجب أن يعين الموضوع تعييناً كافياً وأن يكون ممكناً ومباحاً.

المادة 196: ان الموجب الذي ليس له سبب او له سبب غير صحيح او غير مباح يعد كأنه لم يكن ويؤدي الى اعتبار العقد الذي يعود اليه غير موجود ايضا .وما دفع يمكن استرداده.

فإذا كان هناك قبول لوضع نيترات أمونيوم عادي، أي ذو نسبة أزوت أقل من 33.5%، فقد أصبح هذا العقد غير صحيح عندما عرفت أن هذه النسبة هي 34.7%.

المادة 198: السبب غير المباح هو الذي يخالف النظام العام والآداب واحكام القانون الالزامية.

وتطبيق قانون الأسلحة والذخائر إلزامياً وليس إختيارياً لوزارة الدفاع والداخلية والإقتصاد.

المادة 202: يكون الرضى متعيبا بل معدوما تماما في بعض الاحوال اذا أعطي عن غلط او أخذ بالخدعة او انتزاع بالتخويف أو كان ثمة غبن فاحش او عدم اهلية.

204- يعد الرضى متعيبا فقط والعقد قابلا للابطال:

اولا -اذا كان الغلط يتناول صفات الشيء الجوهرية

ومجدداً، فإن نسبة الأزوت المتواجدة في هذه النيترات هي من الصفات الجوهريّة، وغيّرت طبيعة الرّضى، وبالتالي فإن الغلط وقع على ماهيّة العقد ويجب بطلانه.

واستطراداً أيضاً، فإن موجبات إدارة المرفأ في حال وجودها قد سقطت وذلك وفق المادة 290: تسقط الموجبات:

ثالثا -باسباب تسقط الموجب او يمكن ان تسقطه مع قطع النظر عن حصول الدائن على منفعة ما) كاستحالة التنفيذ ,والابراء من الدين ,ومرور الزمن.(

فموجبات الإدارة إذا وجدت، واستطراداً، قد سقطت لأنها أصبحت مستحيلة التنفيذ، حيث أن المرفأ ليس مستودع ذخيرة ومتفجرات وحيث أن القبول كان لمدّة محدّدة وبناءً على قرار قاضي أمور مستعجلة. فأين العجلة بعد ست سنوات؟ فإن الزمن قد مرّ أيضاً على الموافقة المشروطة التي أعطتها إدارة المرفأ.

كما ان هذا الموجب قد سقط أيضاً وفق المادة 341.

341: يسقط الموجب إذا كان، بعد نشأته، قد أصبح موضوعه مستحيلاً من الوجه الطبيعي أو الوجه القانوني بدون فعل او خطأ من المديون.

وهذا ما يؤكد أنه بمجرد معرفة أنّ نسبة الأزوت تخطت ال33%، سقط الموجب. ومجدداً، وإستطراداً، إذا إعتبرنا أنه يوجد عقد وديعة بين الدولة وشركة المرفأ، فإنه لا يمكن إعتبار شركة المرفأ مسؤولة عن الوديعة وذلك بناءاً للمواد التالية:

714: لا يكون الوديع مسؤولاً عن هلاك الوديعة أو عن تعيبها إذا تم:

1. عن ما هي الشيء المودع أو عن وجود عيب فيه أو عن فعل المودع.

717: على المودع أن يدفع إلى الوديع نفقات حفظ الوديعة وأن يعوضه من الخسائر التي أصابته بسبب الايداع.

لم تدفع الدولة اللبنانية أي نفقة أو أي رسم إيداع وتخزين لشركة المرفأ، ولم تنبهه عندما علمت بتغيير ماهية الشيئ المودع من مواد ملتهبة إلى مواد متفجرة.

كما واستطراداً، واذا اعتبرنا أن شركة المرفأ ضمنت تسليم هذه البضائع الى المضمون، أي الدولة اللبنانيّة، فمجدّداً إن قانون الموجبات والعقود يحدد موجبات المضمون وهي:

المادة 974:

ثانيا -ان يطلع الضامن بوضوح عند اتمام العقد على جميع الاحوال التي من شأنها ان تمكنه من تقدير الاخطار التي يضمنها.

ثالثاً- أن يعلم الضامن وفقاً لأحكام المادة 977 بما يجد من الأحوال التي من ِانها أن تزيد الأخطار.

977- إذا تفاقمت الأخطار بدون فعل من المضمون، وجب عليه إعلام الضامن في خلال ثمانية أيام على الأكثر من تاريخ علمه بتفاقم الأخطار.

فمن الواضح أن معرفة نسبة الأزوت في البضاعة والتي تبيّن انها 34.7% جعل من المواد المضمونة مواد متفجرة وليس ملتهبة، وما يليه من تفاقم في الأخطار، وكان يجب إعلام شركة المرفأ خلال مدّة ثمانية أيام، فكيف بقيت ست سنوات دون إعلامها بذلك؟

إذاً، ان قانون الموجبات والعقود واضح بشأن إلزاميّة الاعلام التي أكدها أيضاً قانون العقوبات.

 

إن واجب الإعلام عند المتعاقدين هو أيضاً واجب يفرضه ويعاقب على إهماله قانون العقوبات، وذلك وفق المواد 680 و682 منه.

المادة 680: كل غشّ آخر سواء في كميّة الشيء المُسلّم أو في ماهيّته إذا كانت هذه الماهيّة هي السّبب الدافع للصفقة، يعاقب بالحبس......

المادة 682: كل من غش العاقد، سواء في طبيعة البضاعة او صفاتها الجوهرية او تركيبها او الكمية التي تحتويها من العناصر المفيدة، او في نوعها او مصدرها عندما يكون تعيين النوع والمصدر معتبرا بموجب الاتفاق او العادات يعاقب بالحبس...

وعندما لا يطبّق هذا الواجب، لا يتوجّب عقاب على من أقدم على فعل بعامل غلط نتيجة عدم الاعلام.

فتنصّ المادة 224:

المادة 224: لا يعاقب كفاعل أو محرّض أو متدخّل في حريّة مقصودة من أقدم على الفعل بعامل غلط مادي واقع على أحد العناصر المكوّنة للجريمة.

وهنا في حالتنا هذه، إن العنصر المكوّن للجريمة هو تخزين مواد متفجّرة وممنوعة، الذي تمّ دون علم الإدارة والمسؤولين فيها.

وللتأكيد أكثر على واجب الإعلام، وخاصّةً فيما يتعلّق بعلم مواطن أو موظّف، تصف المادتان 398 و399 التالي:

398: كل لبناني علم بجناية على أمن الدولة ولم ينبئ بها السّلطة العامّة في الحال عوقب بالحبس....

399: كل موظّف مكلّف البحث عن الجرائم أو ملاحقتها فأهمل أو أرجأرالإخبار عن جريمة حصلت بعلمه عوقب...

كل موظف أهمل أو أرجأ إعلام السلطة ذات الصلاحيّة عن جناية أو جنحة عرف بها في أثناء قيامه بالوظيفة أو في معرض قيامه بها عوقب...

وتنص المادة 226: لا يعاقب الموظف العام أو العامل أو المستخدم في الحكومة الذي أمر بإجراء فعل أو أقدم على فعل يعاقب عليه القانون اذا اعتقد بسبب غلط مادي أنه يطيع أمر رؤسائه المشروع في أمور داخلة في إختصاصهم ووجب عليه طاعتهم فيها.

والمادة 185: لا يعد جريمة الفعل المرتكب إنفاذاً لنص قانوني أو لأمر شرعي صادر عن السلطة

فكيف اذا كان الفعل المشكو منه جاء بناءً على طلب الدولة اللبنانيّة والقضاء اللبناني، في محاولة منع كوارث تم تنبيهها بخصوصها.

فإذا كان قانون العقوبات يعاقب اللبنانيين إجمالاً والموظفين تحديداً بواجب الإعلام عن جناية، فكيف يمكننا أن نلوم ونتهم ونعاقب هذه الإدارة إذا السلطات الرسمية، وبعد أن علمت بالجناية الواقعة على أمن الدولة من قبل أجهزتها، لم تقم بأي إجراء يحول دون حصول الكارثة الملحقة لهذه الجناية.

وأخيراً وللتأكيد على واجب شركة الإدارة بالتقيد بطلب القضاء والسلطة، نصت المادة 371 من قانون العقوبات على التالي:

المادة 371: كل موظف يستعمل سلطته أو نفوذه مباشرة أو غير مباشرة ليعوق أو يأخر تطبيق القوانين أو الأنظمة أو تنفيذ قرار قضائي أو مذكرة قضائية أو أي أمر صادر عن السلطة ذات الصلاحية يعاقب بالحبس....

وهذا يؤكد أن إدارة الشركة لم يكن بإمكانها رفض الرضوخ لطلب القضاء والسلطات المختصة الممثلة بوزارة النقل.

 

إن مرفأ بيروت هو حقيقةً مرفأ لبنان. يمرّ عبره 80% من جميع البضائع الواردة الى السوق المحلّي. فيستلم مرفأ بيروت شهرياً مليون طن من البضائع المستوردة، ويسلّم المليون طن من البضائع الى اصحابها. وبالتالي، فان مرفأ بيروت يتداول شهرياً مليونين طن من البضائع يستلمها ويسلّمها الى أصحابها.

ان معدّل مكوث هذه البضائع المستوردة داخل المرفأ هو 15 يوم، وتمثّل هذه الفترة المدة الوسطى لاجراء المعاملات القانونيّة والجمركيّة والفحوصات المخبريّة لتأمين جميع الأذونات للسماح للبضائع بالدخول الى السوق اللبناني.

وبالتالي، يتواجد يومياً في المرفأ ويتخزّن في مستودعاته وباحاته ما يزيد عن 15 مليون طن من البضائع. ومن ضمن هذه البضائع، تشكّل المواد الخطرة كميّة 200,000 طن في السّنة (مئتا ألف طن في السّنة).

أي منذ العام 2014، أي تاريخ وضع مادة النيترات الخطرة في مرفأ بيروت، تعاملت هذه الاداره بكميّة اجمالية تفوق المليون والمئتي ألف طن من البضائع الخطرة. وتشكّل اذاً كميّة الـ2750 طن من مواد النيترات نسبة 0.2% من مجمل البضائع الخطرة التي تعاملت معها الإدارة وفق أنظمتها وقوانينها المرعيّة الاجراء دون وقوع أي مشكلة.

توضيح

المشكلة الأساسية التي تبيّن للادارة انها واجهتها بالنسبة لهذه البضاعة الممنوع إدخالها قانوناً هو تركها في المرفأ لمدّة 6 سنوات دون أن يُعلِم أحد هذه الإدارة بأنه قد تم وضع مواد ممنوعة ومتفجّرة في مستودعاتها، ودون الطّلب منها أخذ خطوات اضافيّة مفروضة بموجب القوانين المرعيّة الاجراء.

اذاً، فإن المرفأ يتعامل يومياً، وكما أشرنا سابقاً، بكميّة بضائع تقارب الـ 40,000 طن يومياً. ويسلّم هذه الكميّة على ظهر 2000 شاحنة تدخل المرفأ يومياً فارغة وتخرج منه محمّلة. ونظراً لهذه الكميّة المتداولة من البضائع، فان مهمّة ادارة المرفأ الأساسيّة هي تسريع عمليّتا التحميل والاخراج من المرفأ وذلك لتأمين ممر مرفئي يأمن للأسواق اللبنانيّة متطلّباتها اليوميّة من الاستيراد. وهذا ما يسمّى عالمياً بـ Passage Portaire. إنّ المهمّة الأساسيّة للمرافئ وادارتها هي التأكّد من سرعة هذا الممر وعمله الفعّال، وإخلاء باحاته ومستودعاته من البضائع المخزّنة لتمكينه من استقبال بضائع جديدة.

ولتأمين هذه الحركة والتخلّص من البضائع المتروكة فيه لأسباب عديدة، تنصّ الإجراءات المرفئيّة على وجوب ارسال لائحة ، وبشكل دوري وكل ستة أشهر، بالمواد المتروكة الى إدارة الجمارك لكي تقوم هذه الأخيرة ببيعها بالمزاد العلني او بتلفها في حال عدم امكانيّة بيعها.

ولكن نظراً للتعقيدات الاداريّة حول البيع أو الاتلاف والتي تتطلّب موافقات عديدة من وزارات متعدّدة منها وزارة الصحّة أو البيئة أو الصناعة أو الزراعة أو الدفاع وغيرها، تفشل إدارة الجمارك أحياناً بتأمين هذه الموافقات، وبالتالي تبقى البضائع متروكة في المرفأ الى ما لا نهاية. ومن هذه البضائع المتروكة نذكر المفرقعات وباقي البضائع الموجودة في العنبر 12، والتي لم تتمكن إدارة الجمارك من بيعها أو اتلافها. فقامت إدارة المرفأ بتحضير ملف مفصّل مع صور تم عرضه على وزير الأشغال ووزير الصحّة لرفعه الى مجلس الوزراء وذلك لتأمين موافقة جماعيّة وإستثنائيّة للتخلّص من جميع البضائع المتروكة، والتي أصبحت تشكّل خطراً على الصحة والبيئة، بقرار واحد من قبله. ولكن، وللأسف، حتى هذه الاحالة لم تجدي وبقيت البضائع المتروكة في المرفأ، وذلك بعلم مجلس الوزراء وجميع الوزراء المختصّين.

وها نحن اليوم نُلام لعدم قدرتنا على التخلّص من البضائع المتروكة.

مرفق: إحالات مجلس الوزراء

Hyperlink

أما بخصوص مواد نيترات الامونيوم، فتجدر الاشارة الى استحالة بيعها أو تلفها من قبل ادارة الجمارك وادارة المرفأ حيث أن هذه البضاعة واردة برسم الترانزيت ومن المفترض ان لها مالك وعليها حراسة قضائيّة. وهذه البضاعة لم تدخل المرفأ بالطرق الاعتيادية وفقاً للأنظمة المرعيّة الإجراء، بل دخلت بقرارٍ قضائيّ من دائرة تنفيذ بيروت بناءً على طلب وزارة العدل- مكتب هيئة القضايا- وذلك بناءً على طلب وزارة النقل، ولمدّة محدّدة ووجيزة ومؤقّتة، وعلى أنها بضائع خطرة ملتهبة وفق تصنيفها في نظام المرافئ والموانئ، وتحت حراسة وزارة النقل وعلى مسؤوليّتها، وذلك لتجنّب كارثة بيئيّة وملاحيّة وإنسانيّة وفق ما تم ذكره في طلبهم وفي قرار قاضي الأمور المستعجلة.

توضيح: المفرقعات وغيرها من البضائع

كما ذُكر سابقاً، ان ادارة المرفأ ملزمة بإيداع المواد الملتهبة والمضر جوارها في العنبر المحدّد لهذه البضاعة، أي العنبر 12.

أنّ المفرقعات المتواجدة في هذا العنبر هي عائدة لسنة 2007، وهي من حينها مهمولة ومتروكة ومغطّاة بالغبار وبرواسب القمح والحبوب الداخلة الى الاهراءات. وهي معرّضة للرطوبة الدائمة وللهواء البحري وغيره من العوامل الطبيعيّة. كل هذه المعطيات تؤدّي الى وجوب استبعاد اشتعالها بشرارة تلحيم لباب المستودع من الجهة الخارجيّة. وهذا ما أكّدته أيضا التجارب التي أجراها المحقق العدلي على مجسّم في المرفأ، في محاولة إشعال حريق عبر أشغال تلحيم، والتي بائت بالفشل.

وهكذا تكون ادارة المرفأ قد أوفت بجميع التزاماتها المحدّدة قانونياً. واتّخذت، بالاضافة الى هذه الالتزامات، خطوات استثنائيّة لتأمين حسن سير العمل المرفئي والسلامة العامّة.

وها هي اليوم متّهمةّ!

 

بعد دراسة جميع وقائع ومراحل هذه القضيّة، يبدو أنه كان يوجد مخطّط لادخال الباخرة روسوس الى لبنان أولاً ولابقائها فيه ثانياً، ومن ثم تحوّل هذا المخطّط الى محاولة لابقاء البضاعة التي على متنها في مرفأ بيروت ثالثاً.

هل ان هذ المخطّط تجاري؛ اي تغريق الباخرة وطلب التعويض من شركة التأمين؟ أم ان المخطّط كان جرميّ؛ اي التصرف بهذه المواد أو تفجيرها؟

يبقى الجواب موضوع نقاش وموضوع يجب كشفه من قبل المحقق العدلي.

 

يبقى أن الكثير من الدلائل تدعو للتساؤل، كوصول هذه الباخرة بتاريخ 22/11/2013، أي عشيّة عيد الاستقلال، وبالرغم من انه يُمنع أي أحد من دخول المرفأ في هذا اليوم، بما فيهم موظفي الادارت الرسميّة، دخل الى مرفأ بيروت 2760 طن من المواد المتفجرة!

وبعد دخول الباخرة، بدأت الوقائع المبرمجة لمنعها من المغادرة بدءاً من الكشف عليها من قبل جهاز الرقابة ومنعها من السّفر وصولاً الى حجزها. ان مسلسل الوقائع يدل على رغبة أحدهم بإبقاء هذه السفينة وبضاعتها في بيروت. واكتمل المخطّط بتفريغها بعد ترحيل طاقمها وإدخال البضائع التي على متنها الى مرفأ بيروت بأساليب إستثنائيّة وبستار قضائي، حيث ان ادخال هذه البضاعة الى لبنان بأساليب عادية هو أمر ممنوع ومستحيل.

كيف يمكن لصاحب باخرة أن يترك باخرته للغرق الا اذا كان يريد التخلّص منها؛ وكيف يمكن لمالك 2750 طن من النيترات تساوي ملايين الدولارات ان يتركها محجوزة في لبنان دون أي محاولة لاستعادتها؛ وكيف يمكن لشركات لديها ديون متوجبة على باخرة قاموا بحجزها ان يتوقفوا عن المطالبة بهذه الديون؛ هذه الاسئلة لا تزال بلا أجوبة كغيرها من الاسئلة.

وكيف يمكن لمسؤولي أجهزة أمنيّة، وبعد علمهم بوجود مواد كهذه وبكميّة كهذه داخل مرفأ مدني وسط العاصمة، وعلى بعد أمتار من قاعدة بحرية حربيّة، عدم المبادرة الى تطويق البضاعة ومصادرتها وفق القوانين أو اتخاذ أي إجراء آخر يحول دون حصول كارثة 4 آب.

فالأسئلة كثيرة والأجوبة قليلة، وتوقيف المعتقلين رهن التحقيق ظلم لا يقدّم ولا يأخر في الوصول الى الحقيقة. توقيفهم هو إيهام للضحايا وللمجتمع بأن القضاء يعمل وان الدولة تعاقب من أهمل.

 

ولكن الحقيقة هي غير ذلك. هي حقيقة مؤامرة ضد لبنان لم تكتشف، وحقيقة خلل أمني غير مقبول وغير معترف به حاولت حكومة الرئيس دياب ابعاده عنها وعن أجهزتها عبر اتهام وتوقيف موظفين بدلاً عن ضائع وذلك حفاظاً على نفسها.

حقيقة قضاء يطبّق ما يرتئيه من قوانين. قضاء يريد أن يوهم الناس بأنه قضاء عادل وجريء، بينما الحقيقة هي أنه قضاء خائف من تورطه السابق ومن اهماله باصدار قرارات لا تجيزها القوانين، خائف من الرأي العام، يوهم العدالة ويحتمي وراء عبارات كاستقلالية القضاء وسريّة التحقيق لتوقيف 20 شخصاً منذ 18 شهر دون أي ثبات أو دليل او شبهات حول تورّطهم بالجريمة، مخالفاً قوانينه المحليّة والقوانين الدوليّة التي تعهّد لبنان بتطبيقها.

حقيقة رئيس مجلس وزراء ترأس اجتماع لجنة وزاريّة حدّدت أسامي المتهمين بهذا الانفجار دون تحقيق، وخلافاً للأصول والقوانين. وأصبح هذا الرئيس متّهماً وفاراً من العدالة بعد ان علم بوجود هذه المواد في المرفأ وعلم بخطورتها وتجاهلها بالرغم من التحذيرات بشأنها.

حقيقة نيابة عامة تمييزيّة قامت بالادعاء على هؤلاء أيضاً دون تحقيق وخلافاً للأصول والقوانين من قبل قضاة تم تنحيتهم عن هذه القضيّة، كالقاضي خوري، بطلب من نقابة المحاميين وبقرار من محكمة التمييز- مرفق قرار محكمة التمييز 2021/110 -

Hyperlink to be added

والتي تذكر فيه: "انه بحفظه للتحقيق المعد من قبل جهاز امن الدولة، أصبح القاضي خوري يظهر وكأنه محرج في قيامه بمهامه وفق ما تتطلبه تلك المهام بوضع يخشى معه وجود تضارب في المصالح". وهذا القرار يطبّق ايضاً على النائب العام التمييزي نفسه، الذي أشرف على هذا التحقيق وبالتالي يتحمّل نفس اللوم الذي انزلته محكمة التمييز بالقاضي خوري.

حقيقة محقق عدلي - كالقاضي صوان – الذي ايضاً تم تنحيته من قبل محكمة التمييز لاقراره بأنه خالف القوانين والحصانات في تحقيقاته واتهاماته حيث أصبح يشكل خطراً على البنيان القانوني اللبناني.

 

ان هذا الاحراج والتضارب في المصالح، كما والمخالفات الجسيمة التي قام بها القضاة (مرفق قرار محكمة التمييزhyperlink) المعنيين في هذه القضية (مراجعة المخالفات hyperlink)، جميعها أوصلت هذه القضية الى الطريق المسدود الذي يعيشه المعتقلين حيث أنه:

1. وبعد تنفيذهم لقرار قضائي، أصبحوا متّهمين يتنفيذ هذا القرار.

2. وبعد الاستجابة لطلب السلطة العامة لتفادي وقوع كارثة بيئيّة وملاحية وانسانية، أصبحوا متهمين بإحداث كارثة انسانية وبيئيّة وملاحيّة.

3. وبعد تطبيقهم لصلاحيات وظائفهم المدنية واحترامهم لصلاحيات الأجهزة الأمنية المتواجدة في المرفأ والتي تقوم بتطبيق سلطات الدولة السيادية، أصبحوا متهمين بأهم خلل أمني عاشه لبنان بتاريخه.

وأخيراً، وبعد 18 شهر على التحقيق، ما زل المعتقلين لا يعرفون لماذا هم موقوفون. ما نعرفونه هو ان اتّهامهم بهذه الجرائم من قتل وارهاب هو مسلسل رعب وسلسلة من الكوابيس المستمرة التي بدأت لحظة انفجار المرفأ واتهامهم الفوري بالتفجير وبتحويلهم بلمح البصر الى ارهابيين، لا بل انتحاريين محترفين واستطراداً، الى مهملين غير محترزين بحياتهم أو حياة عيالهم.

وكل ذلك بالرغم من النجاحات التي حقّقتها هذه الإدارة عامةً- وهؤلاء الموظفين المعتقلين خاصةً- والذين كان آداءهم محورياً في تطوير مرفأ بيروت وبنيته التحتية.

فقد كان المهندس ميشال نحول مسؤول عن أهم عقود هندسيّة وعن متابعة أشغال أهم مشروع قام به مرفأ بيروت، لا بل لبنان، خلال العقد المنصرم، ونتيجة ذلك تم ترقيته لنمصب مدير ادارة المشاريع في المرفأ، وها هو اليوم موقوف لعمل لا علاقة له به.

كما وقام المهندس سامر رعد، وبعد حصوله على شهادة دكتوراه في الهندسة البحرية، بالاشراف على مشروع تطويل الرصيف 16 في مرفأ بيروت ونتيجة ذلك تمّت ترقيته منذ بضعة اشهر لمنصب مدير ادارة العمليات في المرفأ، وها هو اليوم موقوف لعمل لا علاقة له به.

أما السيد مصطفى فرشوخ، فقد أشرف على عمل مصلحة المستودعات والبضائع العامة خلال ما يزيد عن عشرين سنة، كما وقام بالاشراف على تطوير طريقة عمل تداول البضائع وادخال المعلوماتية وتحسين الاداء وزيادة الانتاجية والكميات والبضائع المتداولة بالرغم من انخفاض عدد الموظفين. وها هو اليوم موقوف لتطبيقه أوامر رئيسه ورغبة السلطة وقرار قضائي.

أما المهندس زياد العوف، فقد قام بالاشراف على تطبيق وتطوير نظام الـ ISO للجودة الى ان تم تعيينه، اضافةً الى مهامه، كرئيس مصلحة الامن والسلامة، وها هو اليوم موقوف ايضاً لعمل لا علاقة له به.

وأخيراً، جميع من تم ذكرهم وباقي الموظفين قاموا، وتحت اشراف المهندس حسن قريطم، بتطوير وتوسيع مرفأ بيروت وزيادة قدرته الاستيعابية من 200,000 حاوية نمطية الى 1,500,000 حاوية نمطية، كما وقاموا بتحويل المرفأ من مرفأ محلّي الى مرفأ إقليمي يتم توزيع البضائع عبره الى جميع البلاد المجاورة. كما وتوصّلوا الى زيادة أرباحه من 4 مليون دولار سنوياً الى 140 مليون دولار سنوياً. وقاموا بتحويل مبلغ يقارب المليار دولار كأرباح للدولة اللبنانية منذ العام 2002.

وهؤلاء هم نفسهم الاشخاص الذين اختارتهم هذه اللجنة الوزارية، منذ اللحظة الاولى للإنفجار، لإلقاء اللوم عليهم لتسببهم بهذا الانفجار نتيجة اهمالهم المفترض والمقصود لواجباتهم الوظيفيّة او بسبب رغبتهم القيام بعملية انتحارية.وقامت هذه اللجنة وهذا القضاء باتهامهم مسبقاً وباستعمال جميع اساليب الاضطهاد من خلال توقيفهم عن عملهم ووضعهم بالتصرّف وتجميد حساباتهم واعتقالهم دون السماح لهم بالدفاع عن انفسهم.

وأخيراً، يبدو من الواضح ان هذا التحقيق الذي نشهده حتى اليوم لن يستطيع ان يتهم المسؤولين عن هذا الانفجار، بل سيحاول ان يتهم من يستطيع.